{واللاتي يأتين الفاحشة} يفعلن الزِّنا {فاستشهدوا عليهنَّ أربعة منكم} أَيْ: من المسلمين {فإن شهدوا} عليهنَّ بالزِّنا {فأمسكوهنَّ} فاحبسوهنَّ {في البيوت} في السُّجون، وهذا كان في أوَّل الإِسلام، إذا كان الزَّانيان ثَيِّبين حُبسا ومُنعا من مخالطة النَّاس، ثمَّ نُسخ ذلك بالرَّجم، وهو قوله: {أو يجعل الله لهنَّ سبيلاً} وهو سبيلهنَّ الذي جعله الله لهنَّ.{واللذان يأتيانها} أَي: البكرين يزنيان ويأتيان الفاحشة {فآذوهما} بالتَّعنيف والتَّوبيخ، وهو أنْ يقال لهما: انتهكتما حرمات الله، وعصيتماه واستوجبتما عقابه. {فإن تابا} من الفاحشة {وأصلحا} العمل فيما بعد فاتركوا أذاهما، وهذا كان في ابتداء الإِسلام، ثمَّ نسخه قوله: {الزَّانية والزَّاني فاجلدوا كلَّ واحدٍ...} الآية.{إنما التوبةُ على الله} أَي: إنما التوبة التي أوجب الله على نفسه بفضله قَبولَها {للذين يعملون السوء بجهالة} أي: إنّ ذنبَ المؤمن جهلٌ منه، والمعاصي كلُّها جهالة، ومَنْ عصى ربَّه فهو جاهل {ثم يتوبون من قريب} أَيْ: من قبل الموت ولو بِفُواق ناقة {فأولئك يتوب الله عليهم} يعود عليهم بالرحمة {وكان اللَّهُ عليماً حكيماً} علم ما في قلوب المؤمنين من التصديق، فحكم لهم بالتوبة قبل الموت بقدر فُواق ناقة.{وليست التوبة للذين يعملون السيئات} أَي: المشركين والمنافقين {ولا الذين يموتون وهم كفار} يعني: ولا توبة لهؤلاء إذا ماتوا على كفرهم؛ لأنَّ التَّوبة لا تُقبل في الآخرة. {أولئك أعتدنا} أَيْ: هيَّأنا وأعددنا.{يا أيها الذين آمنوا لا يحلُّ لكم..} الآية. كان الرَّجل إذا ماتَ ورث قريبُه من عصبته امرأتَه، وصار أحقَّ بها من غيره، فأبطل الله ذلك، وأعلم أنَّ الرَّجل لا يرث المرأة من الميت، وقوله: {أن ترثوا النساء كرهاً} يريد: عين النِّساء كرهاً، أَيْ: نكاح النساء وهنَّ كارهاتٌ {ولا تعضلوهنَّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} كان الرَّجل يمسك المرأة وليس له فيها حاجةٌ إضراراً بها حتى تفتدي بمهرها، فَنُهوا عن ذلك، ثمَّ استثنى فقال: {إلاَّ أن يأتين بفاحشة مبينة} أيْ: الزِّنا، فإذا رأى الرَّجل من امرأته فاحشةً فلا بأس أن يضارَّها حتى تختلع منه {وعاشروهنَّ بالمعروف} أَيْ: بما يجب لهنَّ من الحقوق، وهذا قبل أن يأتين الفاحشة {فإن كرهتموهن...} الآية. أَيْ: فيما كرهتم ممَّا هو لله رضى خيرٌ كثيرٌ وثوابٌ عظيمٌ، والخير الكثير في المرأة المكروهة أن يرزقه الله منها ولداً صالحاً.